الحرية في الإختيار
الحرية: عكس العبودية ، ويكون الإنسان حرا عندما يمتلك حق تقرير شؤونه ، فإذا سلب منه هذا الحق كان عبدا ، والذي يستعبده قد يكون هواه ، زوجته ، أسرته، عشيرته ومدرائه وحكومته، والحر هو العتيق الخالص من شوائب الدنيا العابد لله وحده سبحانه وتعالى ، فكل طيبات الدنيا حلال على ابن آدم إلا ما نهى الله عنه كان حراما، ومن هنا تتجلى ضرورة سّن الحدود المنظمة للحرية , التي إذا ما أطلقت بلا حدود جعلت من العتيق عبدا لشهوات الدنيا وعوالقها. مريم بنت عمران مثالا للمرأة الحرة العتيقة لله وحده ، والتي أنجبتها حنة جدة عيسى عليه السلام والتي دعت ربها حين كانت تحمل في بطنها مريم عليها السلام:" إذ قالت إمرأت عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم " (آل عمران : 35). الإنسان إذن يولد حرا وكما قال عمر بن الخطاب مقولته الشهيرة :" متى استعبدتم النساء وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ، ولكن كل إنسان راع ومسؤول عن رعيته وعليه أن يقي أولاده من الذهاب بعيدا بالحرية عن ما أمر الله تعالى، وإلا يكون الأولاد ملكا لأهواء وشهوات دنيوية هابطة، فالعلياء المشرفة لا تكون بالحرية المجردة من كل أخلاق وذوق سليم ودين فريد، لذلك وجبت الوقاية المحددة بالضوابط المشروعة مسيرة الأحرار كي يبقوا أحرارا في الصراط المستقيم من أجل أن لا يتبعوا السبل فتفرق بهم عن سبيل الله الموصل للعلياء الكريمة والله. الحلال والحرام بينان وبينهما مشتبهات فمن اتقى الشبهات بمحض إرادته استبرأ لدينه وعرضه ، وترك ما يريبه إلى ما لا يريبه والحرية يدعمها اعتدال الرزق والصحة والشباب ، فمن سلك بهذه النعم طريقا في العمل خالصا لوجه الله كان حرا في اختياره وكان حقا على الله أن يدخله الجنة ، ومن سلك طريقا في العمل فاسدا يغضب الله كان حرا في اختياره وكان حقا على الله أن يعذبه ، من هنا كانت أهمية الوقاية المشروعة التي تمثل شاخصات على الطريق تقي الناس الأحرار من الإنزلاقات والمخاطر ، يقول الله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أرهم ويفعلون ما يؤمرون "(التحريم:6).