التفكّر
التفكر: هي عملية عقلية يتم بموجبها التأمل للحصول على جواب لسؤال ذهني ، هذا السؤال قد يكون له علاقة بالدين، كالسؤال عن مراد الله من الخلق ، اوالسؤال عن الأعمال التي ترضي الله ، أو السؤال عن العلوم وطرائقه . ولقد أجاب الله تعالى معشر المفكرين بخلق الله باحثين عن جواب لقصد الخلق في سورة آل عمران :" ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار...... فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ". ولم يترك الله تعالى توجيه الضالين بفكرهم في لذات الدنيا ومتاعها الزائل إلى التفكير في أنفسهم كيف وجدت؟ ومتى؟ ولم؟ وأين المصير؟ وللتسهيل عليهم ! أعطاهم رب العزة الجواب : في أن السماوات والأرض التي هي محل مصالحهم الدنيوية وجدت بالعدل الرباني المطلق، تؤول فيه تلك السماوات والأرض إلى الله في يوم القيامة ليحكم بين العباد وواضح ذلك الخطاب في قوله تعالى بسورة الروم(
:" أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون". قال الإمام شمس الدين ابن قيم الجوزية :" مبدأ كل علم نظري ، وعمل اختياري ، هو الخواطر والأفكار، فإنها توجب التصورات ، والتصورات تدعو إلى الإرادات، والإرادات تقتضي وقوع الفعل ، وكثرة تكراره تعطي العادة . فإذا دفعت الخاطر الوارد عليك اندفع عنك ما بعده ، وإن قبلته صار فكرا جوالا ، واستخدم الإرادة ، فتساعدك هي والفكر على استخدام الجوارح ، فإن تعذر استخدامها رجعا إلى القلب بالتمني والشهوة وتوجهه إلى جهة المراد" . فالتفكير الممدوح هو الذي يكون في خلق الله لا التفكير في ذات الله ، لأن التفكير في خلق الله تولد الإرادة للعمل في مصلحة العباد ، وكما قال رسول صلى الله عليه وسلم :" تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في الله فإنكم لن تقدروه قدره". وعن طاووس قال: قال الحواريون لعيسى ابن مريم يا روح الله هل على الأرض اليوم مثلك ، فقال : نعم من كان منطقه ذكرا وصمته فكرا ، ونظره عبرة فإنه مثلي. أو كما قال الشاعر: إذا المرء كانت له فكرة ففي كل شيء له عبرة . وصدق الله العظيم إذ يقول :" إنما أعظمكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا"(سبأ: 46). إن القرآن الكريم ملئ بالآيات والعبر المقروءة التي تمنح الفرصة لتوجيه الفكر من أجل الوقوف على ما تحويه تلك الآيات الكريمة من أسس ظاهرة وقاطعة لتقييم الأعمال المقترحة لاختيار أنفعها للذات والمجتمع ، مع التدبر الكافي للنظر في العمل المقترح إلى ما تؤول إليه عاقبته ، بالقياس على ما ورد في القرآن الكريم كدستور أمة، وصدق الله العظيم إذ يقول :" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" سورة محمد (24).