الصدق
وهو نقيض الكذب إذا اعتبرناه مطابقة الخبر للواقع، وهو أيضا مطابقة الظاهر للباطن والعلانية للسّر والقول بالعمل إنّ الذي يقطع على نفسه عهدا أو يعقد عقدا يكون صادقا إذا عمل بعهده ونفذ عقده وإلا يكون كاذبا لأنه أخلف عهده ونقض عقده ، وكما قال الله تعالى في سورة التوبة :" ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولكونن من الصالحين (75) فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون (76) فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون(77) . إن الصدق خلق حسن يجعل صاحبه موثوقا به بين الناس ، فمحمد الصادق الأمين في الجاهلية لم يكن إلا صادقا في نظر أبو بكر عندما قال له عمرو بن هشام مكذّبا محمدا :
ـ أوحدثوك عن صاحبك
ـ فقال أبو بكر:أسمعت أنت ما تقول يا عمرو بن هشام؟
ـ نعم ، سمعته، وسمعه الناس جميعا ....
ـ وماذا قال؟...
ـ يقول إن السماء إلها، أرسله إلينا لنعبده ونذر ما كان يعبد أباؤنا!!
ـ أو قال إن الله أوحى إليه؟
ـ أجل......
ـ إن كان قال، فقد صدق.....!!
فاستحق أبو بكر أن يلقب بالصديق لتصديقه محمدا ، واستحق عمرو بن هشام أن يلقب بأبي جهل لتكذيبه محمدا صلى الله عليه وسلم . فلقد أخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا،
(متفق عليه) فمن صدق اهتدى لكل خير واستحق أن يوصف بالصدق وينال ثواب الصادقين، فهذه دعوة من الله لنا معشر المؤمنين أن نكون مع الصادقين :" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" سورة التوبة (119). فيا سعد من لبى ربه بالصدق ، وإن لم يكن في دنيانا صادقا فسلام عليها كما قال الإمام الشّافعي رحمه الله: سلام على الدنيا إذا لم يكن بهاصديق صدوق صادق الوعد منصفا .